.:: الرسول الأسوة صلى الله عليه وسلم ::.

كان يودع رمضان بشد المئزر وإحياء الليل وإيقاظ الأهل

==========================================================

عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» (صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان)
يستبشر الصائمون بحلول رمضان، وصيامه، كيف لا؟!! وقد وعدوا بالغفران مثوبة على صيامه وقيام ليله، وبخاصة ليلة القدر، إن فعلوا ذلك احتساباً لله، وتزداد وتيرة استبشارهم لما تدخل العشر الأواخر منه، فيجتهدون فيها في مضاعفة التقرب إلى الله بالطاعة، عملاً بسنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، كما تخبر أم المؤمنين، عائشة، رضي الله عنها، في حديثها المثبت نصه أعلاه، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يحرص على مضاعفة الجهد لأداء المزيد من الطاعة إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، لما فيها من خيرات وبركات، ومن ذلك ليلة القدر، وما أدرانا ما ليلة القدر؟! وفي ختام العشر نودع رمضان، آملين أن نفوز بعتق رقابنا من النار، وأن يكتب الله لنا أن نشهد مزيداً من شهور رمضان، وبهذه المناسبة يحسن الوقوف عند محطات ذات صلة، وفق الآتي:
ليلة القدر وفضلها
ليلة القدر خير من ألف شهر، وفيها أنزل الله القرآن الكريم، ومنه سورة سميت بها، وفيها يقول تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(سورة القدر)
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «مَا كَانَ فِي القُرْآنِ {مَا أَدْرَاكَ}[الانفطار: 18] فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَال: {وَمَا يُدْرِيكَ}[الأحزاب: 63] فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ".(صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب فضل ليلة القدر)
وفي ليلة القدر تنزل الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر، والذي يقوم ليلة القدر إيماناً واحتساباً، ينال الغفران المبين، مصداقاً لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب قيام ليلة القدر من الإيمان)
ودلت كثير من الأحاديث الشريفة الصحيحة على أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، في الليالي الفرادى منها، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُجَاوِرُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَيَقُولُ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» (صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «التَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى» (صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)
وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ» (صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب فضل من تعار من الليل فصلى)
وفي رواية صحيحة أخرى ذكر تواطؤ رؤياهم في السبع الأواخر، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ» (صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر)
وترجح بعض الروايات الصحيحة أن ليلة القدر تكون في ليلة السابع والعشرين من رمضان.
شد المئزر
ذكرت عائشة، رضي الله عنها، في حديثها أعلاه، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان ِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ...» يبين العيني أن قَوْله: (شدّ مِئْزَره) أَي: إزَاره، وَهُوَ كِنَايَة إِمَّا عَن ترك الْجِمَاع، وَإِمَّا عَن الاستعداد لِلْعِبَادَةِ، وَالِاجْتِهَاد لَهَا زَائِداً على مَا هُوَ عَادَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما عَنْهُمَا كليهمَا مَعًا، وَلَا يُنَافِي إِرَادَة الْحَقِيقَة أَيْضا بِأَن شدّ مِئْزَره ظَاهراً أَيْضاً، وَجزم عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ أَن المُرَاد بِهِ الاعتزال من النِّسَاء، وَاسْتشْهدَ بقول الشَّاعِر:
قوم إِذا حَاربُوا شدوا مآزرهم ... عَن النساءِ وَلَو باتت بأطهار
وَذكر ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عَيَّاش نَحوه، والمئزر والإزار مَا يأتزر بِهِ الرجل من أَسْفَله، وَهُوَ يذكر وَيُؤَنث، وَهُوَ كِنَايَة عَن الْجد، والتشمير فِي الْعِبَادَة، وَعَن الثَّوْريّ أَنه من ألطف الْكِنَايَات عَن اعتزال النِّسَاء، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَقد ذهب بعض أَئِمَّتنَا إِلَى أَنه عبارَة عَن الِاعْتِكَاف. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري:11/139)
إحياء الليل
بينت عائشة، رضي الله عنها، في حديثها أعلاه، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان ِإذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا لَيْلَهُ...» يَعْنِي بِاجْتِهَادِهِ فِي الْعشْر الأواخر من رَمَضَان، لاحْتِمَال أَن يكون الشَّهْر إِمَّا تَاماً وَإِمَّا نَاقِصاً، فَإِذا أحيا ليَالِي الْعشْر كلهَا لم يفته مِنْهَا شفع وَلَا وتر، وَقيل: لِأَن الْعشْر آخر الْعَمَل فَيَنْبَغِي أَن يحرص على تجويد الخاتمة، وَنسبَة الْإِحْيَاء إِلَى اللَّيْل مجَاز، فَإِذا سهر فِيهِ للطاعة فَكَأَنَّهُ أَحيَاء، لِأَن النّوم أَخُو الْمَوْت. وَمِنْه قَوْله: (لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبوراً) أَي: لَا تناموا فتكونوا كالأموات، فَتكون بُيُوتكُمْ كالقبور.
وحديث عائشة هذا يدل على أن المراد إحْيَاء اللَّيْل كُله، وَالظَّاهِر- وَالله أعلم- مُعظم اللَّيْل، قَالَ النَّوَوِيّ: وَقَوْلها: (أَحْيَا اللَّيْل) أَي: استغرقه بالسهر فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا، قَالَ: وَفِيه اسْتِحْبَاب إحْيَاء لياليه بالعبادات. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري:11/139)
إيقاظ الأهل
مما بينته عائشة، رضي الله عنها، في حديثها أعلاه، أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان إِذَا دَخَلَ العَشْرُ يوقظ أهله، وذلك للصَّلَاة وَالْعِبَادَة. ويبين العيني أن قَوْلها: (أيقظ أَهله) يدل على أَنه كَانَ مَعَهم فِي الْبَيْت، وَهُوَ كَانَ فِي حَال اعْتِكَافه فِي الْمَسْجِد، وَمَا كَانَ يخرج مِنْهُ إلاَّ لحَاجَة الْإِنْسَان، على أَنه يَصح أَن يوقظهن من مَوْضِعه من بَاب الخوخة الَّتِي كَانَت لَهُ إِلَى بَيته فِي الْمَسْجِد.
ويحْتَمل أَيْضاً أَن يكون قَوْله: (يوقظ أَهله) أَي: المعتكفة مَعَه فِي الْمَسْجِد، وَيحْتَمل أَن يوقظهن إِذا دخل الْبَيْت لِحَاجَتِهِ. (عمدة القاري بشرح صحيح البخاري:11/139-140)
الجود والعطاء والسخاء وشد المئزر في رمضان الحالي
جاء رمضان هذا العام وصام أيامه التي انقضت المسلمون، ومنهم الفلسطينيون الذين تجتاحهم حرب فتك رهيبة، لم تُبق ولم تذر في بعض البقاع الفلسطينية، وبخاصة في قطاع غزة، حتى إن بعض العائلات محي وجودها تماماً من السجل المدني؛ لأنه لم يبق منها صغير ولا كبير، فالقتل بالجملة، ويضاف إلى هذا الابتلاء المجتث للوجود المعاناة المعيشية الصعبة التي يتكبدها الباقون، حتى إن كثيراً منهم باتوا بلا مأوى ولا طعام ولا شراب ولا دواء، وفي ظل هذا الظرف القاهر ينبغي لمسلمي الدنيا أن يهبوا لأداء الواجب الديني والأخوي المتحتم عليهم، فإذا كان من السنة شد المئزر في العشر الأواخر من رمضان لأداء مزيد من العبادة التطوعية ونوافلها، فإن شد المئزر في الظرف الذي يعيشه بعض أبناء أمة الإسلام يقتضي المسارعة لإغاثة الملهوفين والمحرومين والمتضررين، وبخاصة أن هذه الحرب استهدفتهم لأنهم يسكنون هذه البقعة المباركة من أرض الإسلام، ويرابطون على ثغر مهم من ثغور الأمة، ولو أنهم رضوا بالعروض البائسة لربما نجوا من هذه الجرائم الفظيعة، فواجبهم على أمتهم عظيم، لنصرتهم ومد يد الغوث والعون لهم، في رمضان وبعده، وبخاصة في مثل هذا الظرف، عملاً بسنة أخرى من سنن النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي كان في رمضان كالريح المرسلة في البذل والعطاء والسخاء، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»(صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم)
فينبغي للمسلمين التأسي بنبيهم، صلى الله عليه وسلم، عملاً بأمر الله حيث قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21) وإذا كان عليه الصلاة والسلام، في رمضان يزيد من حجم الإنفاق والجود في سبيل الله لما كان يأتيه جبريل، عليه السلام، ليدارسه القرآن، فالمسلمون اليوم ينبغي أن تدفعهم حاجات إخوانهم وحرمانهم وجوعهم وعطشهم لينبروا للبذل والعطاء والسخاء، كالريح المرسلة، فالحاجة إلى مددهم ماسة وأبلغ من ذلك، فهل يستجيبون؟!
وبهذه المناسبة ينبغي التنبيه كذلك إلى أن وحدة قلوب المسلمين وغاياتهم النبيلة قوة تحميهم من الشر والاستضعاف، فالله يحب للمسلمين أن يكونوا صفاً واحداً، مصداقاً لقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصف:4) بخلاف تنازعهم فيما بينهم، فذلك وَهَنٌ يجلب لهم الفشل، مصداقاً لقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46)
حتى إن تشاحنهم يحجب عنهم استجلاب المصالح والمنافع والخيرات، فليلة القدر كادت تُعلم على وجه التحديد، لولا تلاحي رجلين من المسلمين، فرفعت، حسب ما جاء في الحديث الصحيح عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ» (صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس)
فإذا تسبب تلاحي رجلين بهذه النتيجة، فماذا يمكن أن يقال عن نتائج الشحناء والبغضاء والعداوة المستشرية بين المسلمين اليوم في بقاع كثيرة من أماكن تواجدهم، وفي كثير من أوساطهم على مختلف مستوياتها، وآلة الفتك والدمار تلاحقهم أو بعضاً منهم، هل يستبعد أن يكون ذلك سبباً رئيساً من أسباب ما هم فيه من وهن وضعف وتيهان وتسلط الظالمين عليهم؟! فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، خاتم النبيين، وعلى آل بيته الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
26 رمضان 1445هـ

تاريخ النشر 2024-04-05
 دار الإفتاء الفلسطينية - القدس